أولويات ترمب- أمريكا أولاً، ثمّ إعادة ترتيب العالم من جديد

المؤلف: محمد الساعد10.18.2025
أولويات ترمب- أمريكا أولاً، ثمّ إعادة ترتيب العالم من جديد

مع اقتراب وصول الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب إلى سدة الحكم في البيت الأبيض، تتأهب الأوساط الدولية لمرحلة جديدة تتسم بالتغيير، إذ يمتلك ترمب رؤى مغايرة وتوجهات فريدة تختلف عن نمط السياسيين التقليديين في الولايات المتحدة، فضلاً عن أسلوبه المتميز في تحقيق الأهداف، فهو ينتهج أسلوب رجال الأعمال الذين يركزون على إنجاز المهام بسرعة وفاعلية.

في هذا السياق، يسعى العديد من الأطراف جاهدين إلى تسوية قضاياهم الملحة، سواء كانت ذات طبيعة أمنية أو سياسية، قبل تولي ترمب مقاليد الأمور، وذلك بعد أن صرح ترمب مرارًا وتكرارًا بأنه لا يرغب في تحمل تركة من المشكلات العالقة، وأنه سيتعامل معها بحزم وقوة، إذ يؤكد أنه سيتعامل مع الملفات الشائكة، بمنهجية مغايرة تمامًا، وبطرق قد لا ترضي أصحاب المصالح.

يُعرف عن دونالد ترمب بأنه شخصية جريئة ومقدامة، لا يكترث كثيرًا بالعواقب المحتملة للأمور، ويتمتع بجلد سميك يمكنه من تحمل الصعاب وتحويلها إلى مكاسب، وغالبًا ما يندفع في تنفيذ قراراته، ثم يسعى لاحقًا إلى معالجة الآثار المترتبة عليها.

بالتمعن في تصريحاته الأخيرة، نجد أنه قد كشف بوضوح عن أولوياته، وعلى رأسها تعزيز الحزام الأمني المحيط بالولايات المتحدة، والذي يشمل دولًا مثل كندا والمكسيك، بالإضافة إلى مناطق استراتيجية مثل جرينلاند وقناة بنما والجزر المنتشرة في المحيطات، وهو بذلك يشير بوضوح إلى الصين، التي تمكنت خلال فترة الانفتاح وصعود التيار اليساري في أمريكا والغرب، من التوغل خفية واختراق الخطوط الخلفية الأمريكية، وما قضية المناطيد التجسسية والطائرات المسيرة إلا دليل على ذلك، فالصين باتت متواجدة في الفناء الخلفي لأمريكا منذ ما يقرب من عقد ونصف، واختبرت صبر الإدارة الأمريكية بإطلاق أدوات تجسس فوق الأراضي الأمريكية، وهو الأمر الذي يراه الجيش الأمريكي على وجه الخصوص بالغ الخطورة، ويتطلب معالجة فورية.

تتمثل الأولوية الثانية في إعادة ترتيب العلاقة مع أوروبا، التي لا تبدي تفضيلًا لترمب، والعودة مجددًا إلى مطالبته للدول الأوروبية بزيادة مساهمتها المالية في حفظ الأمن الأوروبي، حيث حدد نسبة 5% من الناتج القومي الأوروبي للمساهمة في النفقات الدفاعية، بالإضافة إلى تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل في العلاقات التجارية.

أما الأولوية الثالثة، فتتمثل في استكمال إعادة هيكلة منطقة الشرق الأوسط، والتي بدأتها المؤسسات العميقة في أمريكا وعلى رأسها الجيش الأمريكي، وتسعى أيضًا إلى إخراج الصين وروسيا من الفضاء الاقتصادي في المنطقة، ولعل خروج الروس من سوريا، وتراجع نفوذ حزب الله، يشكلان مؤشرات أولية على ذلك، وسيتبع ذلك إنشاء خط أنابيب الغاز العابر إلى أوروبا من سوريا وتركيا، ليكون بديلًا عن الغاز الروسي الذي تم تفكيكه قبل أربع سنوات.

على الصعيد الداخلي الأمريكي، ستركز إدارة ترمب على القضايا الاجتماعية والاقتصادية بشكل أساسي، إذ أعلن أن أول قرار تنفيذي سيصدره سيكون إلغاء تعددية الأجناس البشرية التي ابتكرها التيار اليساري المتطرف، بالإضافة إلى تحييد قوى هوليوود اليسارية التي تعاونت مع الإعلام والسياسيين اليساريين المتطرفين لتقويض المجتمع ونشر أسوأ أنواع الأفكار في المدارس، وفرض أجنداتها على الشركات وأماكن العمل.

من المتوقع أن تشهد أمريكا خلال فترة حكم الرئيس دونالد ترمب، حقبة مزدهرة اقتصاديًا، إذ سيستكمل برنامجه الاقتصادي الذي عرقلته جائحة كورونا، وستتدفق الاستثمارات، وستزداد مساهمات أوروبا في المجهود الأمني، مما يعني توجيه أموال دافعي الضرائب إلى الاقتصاد والتنمية الاجتماعية داخل الولايات، وستتضاعف جهود تقليص النفوذ الاقتصادي الصيني لصالح الأمريكي، وستتوفر فرص العمل بكثافة، وسيتم الحد من الهجرة غير الشرعية، وإغلاق المنافذ الرئيسية، واستعادة الصناعات الأمريكية التي أهملتها الإدارات السابقة، وعلى رأسها صناعة السيارات.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة